اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 316
تكتمونها أنتم في نفوسكم من الشر والفساد بالنسبة إلينا والى نبينا وَكيف تعتذرون أنتم عن جرائمكم وتلبسونها مع انه سَيَرَى اللَّهُ الناقد البصير عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ فتفتضحون حينئذ على رؤس الاشهاد ثُمَّ تُرَدُّونَ في النشأة الاخرى إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وتحاسبون عنده عليه فَيُنَبِّئُكُمْ ويظهر عليكم مفصلا بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ في النشأة الاولى فيجازيكم على مقتضى علمه وخبرته
ومن جملة نفاقهم وتلبيسهم انهم سَيَحْلِفُونَ ويقسمون بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ ورجعتم مشتكين معاتبين إِلَيْهِمْ عن قعودهم وتخلفهم انما غرضهم من الحلف الكاذب تغريركم وتلبيسكم لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ وعن عتابهم ولا تسألوا عن مخالفتهم وقعودهم فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ وعن عتابهم قبل حلفهم وتلبيسهم ولا تلتفتوا إليهم إِنَّهُمْ في أنفسهم رِجْسٌ اى جبلتهم مجبولة على الخباثة والنجاسة لا تقبل التطهير بالتأديب أصلا وَمَأْواهُمْ اى مرجعهم ومنقلبهم في النشأة الاخرى جَهَنَّمُ الطرد والخذلان جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ في النشأة الاولى من الكفر والنفاق والإصرار على الشرك والشقاق
وانما يَحْلِفُونَ لَكُمْ حين عتابكم وشكواكم لِتَرْضَوْا أنتم عَنْهُمْ وتقبلوا إخلاصهم ومودتهم وتكونوا معهم كما كنتم فَإِنْ تَرْضَوْا أنتم عَنْهُمْ بمجرد حلفهم الكاذب وتغريرهم الفاسد لا يغنى ولا يدفع رضاكم عنهم شيأ من غضب الله عليهم فَإِنَّ اللَّهَ المطلع لما في ضمائرهم من الأكنة المكنونة والنفاق المدفون لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ الخارجين عن مقتضى الأوامر والنواهي الواردة لتطهير النفوس الخبيثة عن أرجاس الطبيعة وتصفيتها عن ادناس الأخلاق الذميمة العائقة عن الوصول الى مقر التوحيد.
ثم قال سبحانه الْأَعْرابُ اى اهل الوبر المترددون في البوادي المنهمكون في الغي والضلال والعتو والعناد أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً من اهل المدر المستأنسين مع العقلاء المستفيدين منهم وَلشدة شكيمة أولئك الاعراب وفرط جهلهم وعدم قابليتهم أَجْدَرُ اى أحق وأليق أَلَّا يَعْلَمُوا اى بان لا يعلموا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ المدبر المصلح لأحوال عباده عَلى رَسُولِهِ النائب عنه المتكفل لإرشاد عباده بوحيه والهامه بإقامة حدوده المنزلة من الأوامر والنواهي المستلزمة لتأديبهم في معاشهم ومعادهم إذ هم في غاية البعد عن الهداية والصلاح وتحمل التكاليف الإلهية مطلقا وَاللَّهُ المطلع لسرائر عباده عَلِيمٌ باستعداداتهم الكامنة فيهم حَكِيمٌ في الزام التكليف عليهم
وَمِنَ منافقي الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ اى يعد ويحسب ما يُنْفِقُ بأمر الله في سبيله مَغْرَماً ويتخيله غرامة وخسرانا لعدم إيمانه واعتقاده بترتب الثواب عليه بل انما ينفق ما ينفق رياء وسمعة وتقية وَمن خباثة باطنه يَتَرَبَّصُ اى يترقب وينتظر بِكُمُ الدَّوائِرَ اى نوائب الزمان الدائرة عليكم لينقلب الأمر ويتحول الحال ويخلص من الانفاق بالنفاق بل يدور عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ على عكس مرامهم دائما متجددا مستمرا وَاللَّهُ المراقب عليهم سَمِيعٌ لمناجاتهم عَلِيمٌ بنياتهم وحاجاتهم يدبر عليهم ويعيد إليهم ما يتربصون بكم من الدوائر
وَمِنَ مخلصى الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ اى يوقن ويذعن بتوحيده وَالْيَوْمِ الْآخِرِ اى يصدق باليوم الآخر المعد لجزاء الأعمال وترتب المثوبات بالقربات والصدقات وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ في سبيل الله قُرُباتٍ ونيل مثوبات ورفع درجات عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ اى سبب استغفاره صلّى الله عليه وسلّم ودعائه له أَلا إِنَّها اى تنبهوا ان ما يتصدقون به أولئك المؤمنون المخلصون المتقربون قُرْبَةٌ لَهُمْ وسبب
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 316